قصة الملك ذو الأنف المقطوع
كان هناك ملك يعيش في عافية حتى أُصيب بمرضٍ خطير في أنفه قرَّر أطباء مملكته على أثره ضرورة قطع أنفه حفاظًا على حياته ولم يجد الملك بدٌ من ذلك وبالفعل أجريت له عملية القطع
وبعد أن عوفي من جرحه بدأ يزاول أعماله مرة أخرى
فعقد اجتماع لوزرائه ليستطلع آخر الأخبار
فما أن رأوه حتى ضج المجلس بالضحك من منظر وجهه مجدوع الأنف
استشاط الملك غضبًا ودعا رئيس الجند وفي قرار انفعالي أمر بقطع أنوف جميع وزراءه على الفور
وبالفعل نُفِّذَ القرار وياله من منظر
وبعد فترة عاد الوزراء إلى أعمالهم فسخر منهم الجند ومقربيهم فهيجوا عليهم الملك فأمر الملك بقطع أنوف جميع الجند والشرطة كثرت سخرية الشعب من جميع أولئك
حتى أصبحوا مسار تندر وتفكه فنما هذا الأمر إلى الملك فأخذ قراره الخطير
فأمر بقطع أنوف جميع الشعب وأصبح لزامًا على كل قابلةٍ أن تقطع أنف المولود كما تقطع حبله السُّرِّي
وبعد أجيال متعاقبة نسي الجميع تلك القصة وأصبح كون الإنسان بلا أنف هذا هو الطبيعي التي تشمئز القلوب من غيره
ومكثت تلك المملكة عقودًا لم ترى فيها إنسان بأنف حتى ذلك اليوم المشهود فقد ضل أحد الناس طريقه في البحر فوجد نفسه على شواطئ تلك المملكة العجيبة
فهاله ما رأى وهالهم ما رأوا وتعجب الناس من منظر أنفه أشد العجب وأخذوا يتأملوا في هذا الشئ الذي يبرز من وجهه وسخروا منه سخرية كبيرة ودعوه للتخلص من هذا الشئ المقزز
بحكم السلطة ، وبحكم العادة التي صارت جزءا من شكل هذا المجتمع الصغير ، وهذه البلدة النائية صار الخطأ صواب .. وصار الصواب خطأ .
فكروا بهذه الحكاية الأسطورية / الساخرة ،
واسألوا أنفسكم بعض الأسئلة :
هل فقدنا أنوفنا ؟.. هل فقدنا شيئاً آخر .. الألسن مثلاً ؟!
كم من خطأ أعتدنا عليه وصار أصوب من الصواب .. وندافع عنه لأنه من عاداتنا ؟!
كم من شيء نراه ( شاذاً ) فقط لأنه ليس منا ومن عاداتنا ؟
كم من شيء ندافع عنه وبحماسة .. فقط لأنه من ( أخطائنا ) القومية ؟!
هل أخطاءنا – لأنها أخطاءنا الشخصية – هي أهم من صواب الغريب ؟!
عزيزي القارئ :
تحسّس أنفك .. تحسّس عقلك !
وأسأل نفسك : كم من الأشياء تم قطعها منك .. وعنك ؟